انتخابات البلدية والرهان على نسبة المشاركة
بعد كل هذه السنوات من غياب انتخابات البلديات في غزة التي حرمت منها نتيجة ظروف الانقسام وتداعياته السياسية التي أثرت سلبا على المشاركة السياسية برمتها، وبالتالي التفرد بالقرار والمزاجية في تقديم الخدمات واغتصاب إرادة المواطن في التعبير عن اختيار ممثليه في السلطات المحلية، جميعها عوامل ساهمت في خلق حالة من الاحباط وفقدان الثقة بين المواطن وأصحاب القرار، ولكن هذه الانتخابات التي طال انتظارها في حال إن أجريت ستكون الانتخابات التمثيلية الوحيدة التي أخذت طابعا سياسيا في ظل الانقسام، وانسداد الافق السياسي، وانعدام الحياة التشريعية، مما يعني إمكانية تجاوز الخلافات الفلسطينية على الشرعيات من خلال صندوق الانتخابات.
وبالرغم من كل التخوفات والآراء المطروحة بضرورة انهاء الانقسام قبل التوجه الى الانتخابات، نرى مدى أهمية المشاركة الانتخابية في ترسيخ مبادئ الديمقراطية التي يتغنى بها المجتمع الدولي وتحديد وتجديد الشرعية، وأيضا تكمن في أهمية شعور الناخب الفلسطيني بمدى تأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية بعد غياب طويل لأنها ستكون لبعض الفصائل والقوي الوطنية بمثابة كسر عظم، لذا سيكون لصوت الناخب في العملية الانتخابية تأثيراً قوياً، وهذا دليل قاطع على أن هذا التأثير سيعطى انطباعا ايجابيا بأن المسيرة الديمقراطية تسير على نهج سليم في فلسطين الذي تعقد فيه الانتخابات المحلية والتشريعية في القريب العاجل.
وعليه، نستطيع التوقع بأن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية في غزة ستكون مرتفعة مقارنه مع الضفة الفلسطينية، وأن الصوت الانتخابي يستطيع أن يقلب الموازين السياسية إذا نظمت الانتخابات وفقاً للشروط القانونية والدستورية التي يحددها القانون والدستور، وتحقيق نزاهة وعدالة العملية الانتخابية والضمانات المطلوبة لإجرائها، فالشعب الذي عاني وذاق الأمرين سيقول كلمة الحسم وسوف تدفعه مشاعرة للتعبير عن الرفض للواقع المرير الذي يمر به في غزة على أمل تغيير الواقع الى الأفضل ووضع الوطن في الاتجاه الصحيح.
وقد أضحت المشاركة في الانتخابات البلدية اليوم واجباً وطنياً واستحقاقا دستورياً، يتطلب مشاركة الجميع وإدراك الناخب بأهمية صوته في تغيير مصير الشعب ، تأكيدا على الالتزام بالنهج الديمقراطي والحرص على اتاحة المجال للمشاركة الشعبية في صنع القرار، كما أن المشاركة السياسية لا تنبع من مجرد رغبة الناخب في ممارسة حقه الانتخابي، وإنما تنبع من وجود وعي سياسي واجتماعي بدأ يتشكل تدريجيا داخل المجتمع الغزي منذ أن أعلن عن موعد الانتخابات، والمتتابع للأحداث بات يدرك أهمية تلك الانتخابات للمواطنين وللأحزاب، حتى أن الدعاية الانتخابية انطلقت مبكرا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك الاكثر شهره وعلى الأرض، لذا فالمشاركة الانتخابية تعني أن المواطن يدرك أهمية دوره والتزامه تجاه العملية الانتخابية، وأنه يعرف كيف يختار القائمة صاحبه البرنامج الانتخابي الأجدى له، ويحدد أولوياته وفقاً لطموحاته ورؤيته الخاصة.
بقلم/د. رمزي النجار
palramzy@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق